الاثنين، أبريل ١٨، ٢٠١١

لا تذبحوا الهدهد

كل منا سيجد له ذكري مع هدهد سليمان فاما انه اثار في نفسك دوافع الايجابية والمبادرة او سمع قصته من احدهم فاستقي منها الكثير من المعاني والاشارات وهذه الايام تذكرت هذه القصة ولكن من منظور مختلف ففي الماضي عندما كانت تعرض لي كانت الاشارة الاولي التي المحها هي حث نفسي ومن حولي علي تقليد هذا الهدهد في ايجابيته ومبادرته وانطلاقه والتذكير بكيفية فتحه لدعوته افاق جديدة و حقق لها نصرا عظيما وكم تمنيت ان يتحول كل افراد هذه الدعوة الي هدهد كهدهد سليمان.

قصة هذا الهدهد هي نموذج في أهمية حركة الفرد وقدرته علي تطوير مؤسسته وتحقيق اهدافها حتي ولو عظمت امكانات هذه المؤسسة وتنوعت مصادرها وحيزت لها الوان وفنون القوة المعلوماتية والتنفيذية فسيبقي للفرد قيمته التي يجب ان تقدر وقدرته التي يجب ان تستثمر وارادته التي يجب الا تكبل فعلي الرغم من فارق القوة والقدرة والاستطاعة ما بين سليمان عليه السلام - الذي كان له من الملك ما سمح له بتسخير الجان والحيوان وظواهر الطبيعة حتي ان ملكه لم ينبغي لاحد غيره - وبين هدهد لا يذكر له اسم فسمي بهدهد سليمان فعلي الرغم من هذا الفارق الا ان هذا الهدهد استطاع ان يعرف ما لا يعرفه سليمان وجيوشه وأخذ بزمام المبادرة وانطلق واتي اليه بخبر يقين .

। سليمان الذي اتسع ملكه واستطال فوضع له من الاجراءات والاليات ما يسمح له بتنظيم ملكه وتدبير شؤنه لم يجد الهدهد عندما تفقد ملكه فقرر ان يذبحه او يأتينه بخبر يقين فلما اتاه بالخبر اليقين تجاوز عن خطأه وتفاعل مع ما جاء به واستفاد من حركة فرد عنده , فلم يهدر الطاقات في ظن سئ او السماع لوشاية او الانصات الي رأي ضيقي الافق ولم يضيع الفرصة العظيمة التي اتي بها الهدهد لقاء خطأ بسيط في الاجراء . ان سليمان عندما تفقد جيوشه ولم يجد الهدهد فتوعده من جهة ورسم للقادة ملمح هام في التعامل مع حركة الافراد النابهين لديهم من جهة اخري فوضح لنا ان هؤلاء النابهين احيانا يكسرون بعض القواعد والاجراءات لاقتناص فرصة او تحقيق نصر او تطوير اداء فقرر ان العقاب سيسقط اذا تبين له ان سبب مخالفة الاجراء هو الاجتهاد والسعي لتحقيق هدف وليس لهوي نفس او كسل عن اداء او تسيب متكرر, وهكذا قدر سليمان الحكيم الامر وهكذا يجب علي كل قائد ان يقدر هكذا الامر.

। ايها السادة اننا بقصد او دون قصد نذبح هداهدنا تحت دعاوى كثيرة فمرة تحت دعوي الضبط والربط والجندية والسمع والطاعة ومرة تحت دعوي الخوف علي الفرد ان يأخذ من المساحات ويحقق من الانجازات ما يؤثر علي تربيته وسلوكه ومرة بسبب ضعف ثقتنا في افرادنا واحساسنا انهم ورقات في مهب الريح فاذا استمعوا الي ما هو غريب فسيفسد افكارهم واذا خالطوا من هو ليس منا فسيعكر صفوهم وتجردهم واذا برزوا وتصدروا للمشهد فستفسد اخلاقهم ونياتهم و احيانا يدفعنا حب السيطرة والتملك الي الانزعاج من حركة ذاتية او مبادرة فردية واحيانا اخري نعتقد ان نجاح التنظيم هو ان يتحول الي مغناطيس قوي يأسر اليه الافراد فلا يستطيعون الحركة الا ملتصقين به واحيانا تظللنا ثقافة تعتقد في قدرة وقوة ومعرفة المؤسسة متناسية او غافلة عن كفاءة ومهارة وقدرات الفرد وانه يستطيع ان يعرف ويمارس ويمتلك من الخبرات في مجال ما يفوق ما تمتلكه مؤسسته وان المؤسسات ما هي الا مجموع افرادها وانه كلما تميز الفرد وبرز ونبغ فهو اضافة الي المجموع او اننا نعظم الاجراءات والاليات علي حساب الاهداف والغايات ايها السادة لا تذبحوا الهدهد بممارستكم لهذه الامور.

ايها السادة ان واجبنا كلنا ان نخرج من بيننا الف هدهد فاذا عجزنا نحن عن اخراج هؤلاء فليس اقل من ان نرعي الهدهد الذي يظهر بيننا , ايها السادة اطلقوا العنان لكل هدهد لديكم وثقوا فيه وتجاوزوا عن هناته واخطائه وانصحوه وافسحوا له المساحات واحتضنوهم واحذروا من تجربة سلبية لهدهد شرد هنا و اخر خاصم هناك او ثالث تضخمت ذاته ونسي فضل المؤسسة عليه ان تدفعكم الي وصم كل صاحب مبادرة او نابه بان هذا هو مصيره وماّله.

ايها السادة استحلفكم بالله ألا تذبحوا الهدهد